معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرام، يكفيه من الفضل أن له شرف الصحبة وفضلها، وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولازمه بعد إسلامه، وكان مشهورا بالحلم ورجحان العقل مشهودا له بالفقه، ففي صحيح البخاري عن أبي مليكة قال: قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية، فإنه ما أو تر إلا بواحدة قال: أصاب، إنه فقيه.
وقد وردت أحاديث متضمنة فضائله، منها ما ورد في مسند أحمد، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر معاوية وقال: اللهم أجعله هاديا مهديا وأهد به"
وعلى كل فمن اكتحلت مقلتاه برؤية الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو ساعة من نهار وهو مؤمن به مصدق لما جاء به ومات على ذلك كفاه ذلك فضلا وشرفا.
ناهيك بمن صحبه ولازمه وخدمه
وتزوج النبي باخته ام حبيبة
أنشأ الدواوين، ومنصب الحاجب، كما اعتَنى بتأمين الحُدود للبِلاد، وقد تم استئناف الفُتوحات في عهده، فقد أرسل أوَّلُ حملةٍ على القسْطَنْطِينيَّة عاصِمة الرُّوم عام 43 هـ / 663 م، وقد استمرَّ في إرسال حملات أُخرى، فقد أعدَّ أُسطولاً بحرياً ليشُن حملة جديدة، فقد حُوصِرت القسْطَنْطِينيَّة على مدار أعوام مِن 54 حتَّى 60 هـ والمُوافِق مِن 674 حتَّى 678 م، وقد افتُتح عدداً من المَناطِق في عَهدِه، مثل الرُّخج من بِلاد سَجُستان، وكانت السَّند قد شهَدت مُحاولات مُتكررة لفتحِها.[10]
فقد اهتم معاوية رضي الله عنه بفتوحات الشمال الإفريقي، فكانت جبهة شمال إفريقيا من أولى الجبهات التي وجَّه إليها معاوية اهتمامه؛ لأنها تتاخم وتلاصق حدود مصر الغربية من ناحية، ومن ناحية أخرى: فهي تخضع لنفوذ الدولة البيزنطية؛ ففي أول سنة من حكمه 41 هـ أرسل معاوية رضي الله عنه معاويةَ بن حديج على رأس حملة إلى إفريقيا ثم أرسله ثانية سنة 45 هـ على رأس حملة من عشرة آلاف مقاتل، فمضى حتى دخل إفريقيا ثم تم فتح مدينة جلولاء.
ثم كانت حركة الفتوحات بقيادة عقبة بن نافع القرشي الفهري، وكان عقبة قد شارك في غزو إفريقيا منذ البداية مع عمرو بن العاص، واكتسب في هذا الميدان خبرات واسعة، وكان عمرو بن العاص قد خلفه على برقة عند عودته إلى الفسطاط، فظل فيها يدعو الناس إلى الإسلام، وقد جاء إسناد القيادة إلى عقبة بن نافع خطوة موفقة في طريق فتح شمال إفريقيا كله، فلما أسند إليه معاوية بن أبي سفيان قيادة الفتوحات في إفريقيا، أرسل إليه عشرة آلاف فارس، وانضم إليه من أسلم من البربر فكثر جمعه، وسار في جموعه حتى نزل بمغمداش من سرت.
ثم واصل فتوحاته فتح قصور كُوّار، وخاور، وغدامس، وغيرها، وفي عام 50 هـ بدأت إفريقيا الإسلامية عهدًا جديدًا مع عقبة بن نافع الذي عَلِم أن السبيل الوحيد للمحافظة على إفريقيا، ونشر الإسلام بين أهلها هو إنشاء مدينة تكون محط رحال المسلمين، ومنها تنطلق جيوشهم فأسس مدينة القيروان وبنى جامعها.
ثم كانت هناك فتوحات كثيرة في الجناح الشرقي للدولة، تمثَّلت في خراسان وسجستان، وما وراء النهر، فتم فتح مدينة زرنج، صلحًا ثم تقدَّموا نحو مدن خواش، وبست، وخُشَّك، وغيرها من البلدان وتمكَّنوا من فتحها، كما تمكنوا من فتح مدينة كابل بعد أن ضربوا عليها حصارًا استمر لعدة أشهر.
تمكن المسلمون في عهد معاوية رضي الله عنه من بسط نفوذهم على ما وراء نهر السند، ففي سنة 44 هـ، غزا المهلب بن أبي صفرة ثغر السند فأتى بَنَّة، ولاهور، وهما بين المًلتان وكابل، ثم تم فتح بلاد القيقان، وقُنْدُهار، وغيرهما من البلدان، وهكذا كثرت الفتوحات الإسلامية في عهد معاوية رضى الله عنه.
تعليقات
إرسال تعليق