الأحد، 14 فبراير 2021

مالم يعجل

على خُطى الرَّسول
ما لم يَعْجَل!

إنَّ الله يُحِبُّ العبدَ اللحوح، قالتْ أُمنا عائشة: ذات يومٍ دعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثم دعا، ثم دعا!

وعن الدعاء يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: يُستجاب لأحدكم ما لم يَعجلْ، يقولُ: دعوتُ فلم يُستجبْ لي!
ويقول القسطلاني في شرح الحديث: من كان له ملالة من الدعاء لا يُقبل دعاؤه لأن الدعاء عبادة حصلتْ الإجابة أو لم تحصل! فلا ينبغي للمؤمن أن يملَّ من العبادة، ويؤخر الله الإجابة لأنه لم يأتِ وقتها، فإن لكل شيءٍ وقتاً. وإما لأنه لم يُقدَّر له في الأزل قبول دعائه في الدنيا ليُعطى عوضه في الآخرة. وإما أن يؤخر القبول ليلح، ويبالغ في ذلك، فإنَّ الله يحِبُّ الإلحاح في الدعاء، ومن يُكثر قرع الباب يوشك أن يُفتح له!

قد تتأخر إجابة الدعاء لأنَّ هناكَ معصية تطلبُ توبة وأنتَ لم تتُبْ بعد، فراجع نفسك أولاً، لا شيء أحجب للدعاء من المعاصي، خرج موسى عليه السلام ليصلي ببني إسرائيل صلاة الاستسقاء فلم ينزل المطر، فأوحى الله إليه أن فيكم عبداً عاصياً لم يتُبْ! فأخبر موسى عليه السلام بذلك وطلب منهم أن يخرج هذا العاصي من بينهم، وما هي إلا لحظات حتى انهمرَ المطر، فسأل موسى عليه السلام عن سبب نزول المطر رغم أنَّ هذا العاصي لم يخرج من بينهم، فأوحى الله تعالى إليه أنَّ هذا العاصي قد تابَ بينه وبين ربه!
فسأل موسى عنه، فقال له الله: يا موسى سترته عاصياً فكيف أفضحه تائباً!
أمة كاملة حُرمتْ المطر بمعصية، والفرد أولى أن يُواخذ بذنبه!

قد تتأخر الإجابة لأنكَ تطلبُ ما فيه ضرر لكَ وأنتَ لا تدري، ألا ترى أنَّ الصبيَّ الصغير إذا بكى يريدُ حبوب الدواء لأنها ملونة منعه أبواه منها رغم بكائه، وللهِ المثل الأعلى، فربما كنتَ كذاك الطفل تَحسبُ أنكَ تطلبُ الخير بفهمك البشري القاصر، فحرمكَ اللهُ ليحميك!
قالتْ الفتاة الصغيرة لأمها: هل يسمع الله دعائي يا أماه؟
فقالت لها: أجل يا ابنتي
فقالت الصغيرة: ولمَ لم يُعطِني ما سألته إياه
فقالتْ لها: لأن الطبيب يعطينا الدواء الذي نحتاج لا الذي نريد!
ورُوي عن بعض التابعين أنه سأل الله الغزو طويلاً، فلم ييسره الله له، فلما استغربَ عدم الإجابة، رأى في المنام من يقول له: إنكَ إن غزوتَ أُسِرتَ، وإن أُسِرْتَ تنصَّرتَ!
ثِقْ دوماً أن منعَ اللهِ عطاء!

قد تتأخر الإجابة لأن الوقت لم يحِنْ بعد، ثمة أشياء إذا أخذتها قبل وقتها كان فيها هلكتكَ، وإنَّ الله الذي ضبطَ الكون بنظام ودقة، فيرسلُ الشمس في وقتها المحدد، ويجري علينا نظام الفصول بترتيب مدهش، أعلمُ منكَ بالوقت الأنسب لإجابة دعائك! دعا الصحابة كثيراً في مكة أن يُؤذن لهم بالقتال، فتأخرَ إلاذن إلى الوقت الذي أراده الله، لقد أراد أن يُربي هذه الأمة أولاً، لأن السيف الذي لا عقيدة خلفه قد يصبح وسيلة انتقام وقد أراده الله خادماً لدينه لا خادماً لهوى المسلمين!

أدهم شرقاوي .