الأحد، 2 يوليو 2023

بين السكينة والقلق

‏~~~~~~~ بين السّكينة والقلق ~~~~~~~



من منّا ينكر الصخب الذي نعيشه على الدوام في حياتنا ومجتمعاتنا وأُسرِنا؟!
من منّا لا يتمنّى أن تحيط به الطمأنينة والسكينة من كلّ جانب فتهبه لذّة النوم الآمن والحلم الجميل؟!
من منّا لم يعش تبعثرات وارتجافات تكاد لا تحصى؟!
ومن منّا لم يتوقّف لحظة ليطلب السكينة ولو لبعض الوقت!

إنّ قلق الإنسان وسعيه الدائم الذي لا ينفك في الحياة، وتردّده المستمرّ، والأيادي المرتعشة، والأقدام المرتبكة، والصدور المضطربة من هواجس الدنيا وأحوال الأيام، كلّ هذا يعود إلى أمرين:
إمّا حرصٌ زائد

أو اضطرابٌ زائد!

فأمّا الحال الأولى، فقليلها جيّد وكثيرها حرامٌ برأيي، لأنها تُفسد كلّ جميل، ولا تبقي للّذة والمتعة والشكر بقية، فإن كان القلق نابعًا من باب الحرص، فسيعين صاحبه على التقدّم والتطوّر والارتقاء وتجاوز العثرات والأخطاء، ولكن إذا ما زاد القلق عن حدّه حتى صار هوسًا وشكوكًا وهواجس غير حقيقية وسلوك حياة، فهو يتحوّل الى مفسدة لكلّ جميل، وأذيّة لكل سلوك فتضطرب معه العلاقة والحياة بكلّ ما فيها.

وأما الحال الثانية، فهي في الأصل مبنية على خلل في التركيبة النفسية ونقص في الثقة بالذات وتخوّفات سايكولوجيّة في اتخاذ القرارات الحاسمة، وعليه فهي تحتاج الى إعادة بناء الشخصية من جديد من خلال تدريب الذات وتأصيلها وتزكيتها وتهذيبها وتقويتها على صروف الحياة.

ولكنني أتوقّف قليلًا هنا لأسأل نفسي وأسألكم:

علام القلق أيها الإنسان؟!

وعلام كلّ هذا الشتات والضياع؟!

وقد قدّر الله للبشرية جمعاء أرزاقها وأقدارها وأحوالها..
علامَ كل هذا التوجّس والترقّب والخوف من الغد؟
والغد آتٍ بأمر الله، وبما فيه من أقدارٍ قد كتبها الله على الكون ، وهي كائنةٌ بأمرِ الله إذ لن ينفع معها حرصٌ ولا قلق ولا توتّر .

من حق الإنسان أن يستعدّ للغد، بل من الضرورة بمكان أن يكون المؤمن كيّسًا وفطنًا وأن يسيطر على انفعالاته ويحكّم عقله وفكره، ومن واجبه أن يتفكر ويتدبر ويحسب لكل موضع خطوة حسابًا قبل أن يخطوها، ولكن ليس الى حدّ الارتماء في أحضان الهواجس،والشّكوك ، ولا الانغماس في قلق المستقبل حدّ الهوس والرعب والرهاب!

ولو تطرّقنا مثلًا مثلًا .. لموضوع الفقر !!

كل الناس تخشى الفقر ولكننا نؤمن بالله الذي ابتلانا بشيء من النقص والجوع والفقر والموت أكثر بكثير من استسلامنا لهذه الابتلاءات، ونؤمن بوعده لنا ورزقه وتيسيره، وبأنّ مع العسر يُسرَيْنِ اثنينِ لا واحدًا ، وعوضًا جميلًا، تقرّ به العين ولو بعد حين، ومن جميل من وقف على هذا الموضع الحسن البصري رحمه الله حين قال:

" قرأت في تسعين موضعًا من القرآن أنّ الله قدّر الأرزاق وضمنها لخلقه،
وقرأت في موضعٍ واحد:

{ الشيطان يعدكم الفقر }
فشككنا في قول الصادق في تسعين موضعاً وصدقنا قول الكاذب في موضع واحد." !!!!!!!!!!!!

أيعقل هذا يا قوم!!

سبحان رحمة ربّي حين يوزّعها على عباده أجمعين! ولا ينقص منها مثقال ذرّة إذ هو أرحم الرّاحمين ورحمته وسعت كلّ شيء .. كلّ شيء.
اللّهمّ اجعلنا من أهلِ رحمتك وممّن وسعتهم رحمتك في كلّ أحوالنا … اللّهمّ آمين .

‎#خالد_الجريوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق