الجمعة، 25 نوفمبر 2011

عندما ترتقي المشاعر

عـــنــــدما تــرتــــقــي الــمــشـــاعــــر ..



عندما ترتقي المشاعر .. وتسمو بك الروح إلى معاني الإنسانية العُـليا .. وتُحلق فى أعالي فضائل الأخلاق والأعمال .. عندها نجزم انك وصلت الى درجة عليا من درجات كمال الإيمان والإنسانية ..

فالإيمان كما جاء فى الحديث بضع وسبعون شعبة أعلاها " لا اله إلا الله " وأدناها " إماطة الأذى عن طريق " ..

فكمال الإنسانية لدى الفرد .. يقابله .. كمال الإيمان فى النفس البشرية ..

وكلما ارتقى احدهما رفع الأخر الى مرتبته ..

فالإيمان جوهر الإنسان .. والإنسان جوهره الإيمان ..

فكلمة الإنسان إشارة الى صفة كائن تفيد " الأُنس .. والاستئناس " ..

وكائن الإنسان عبارة عن مجموعة مواصفات تجعله ضمن صفة الخلقة .. وكلما اكتملت او حاز على أكثرها .. تمثل بمعاني الإنسانية الحقـّة .. ومجمعها " الدين المعاملة " .. اي حُسن التعامل مع كل شىء ..

والإنسانية الحقـّة فى أساس تكوينها من لدُنْ الخالق عزّ وجلّ من اجل أمر واحد فقط وتمثل فى قوله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " أي تحقيق معاني الإيمان ..

فالإيمان والإنسان لا ينفك احدهما عن الأخر فى تجسيد الكائن الإنساني ..

فالإيمان يُكمّل رُقيّ الإنسان .. والإنسان لا يكون إنساناً إلا بالإيمان ..

وإن لم يؤمن اخذ صفة أخرى من صفات خلق الله ..

فهما مزيج كيميائي قدرهما الاتحاد مع بعضهما .. وان حدث الفصل .. فالخاسر هو الإنسان ، ولا بأس ان قلنا انه انحدر الى صفة الحيوان وعلى قدر انفصاله من جوهر الإيمان .

وقنوات وصفات ومسالك هذه الصفات الإنسانية او دعونا نسميها بالمشاعر .. وعادة المشاعر تأتي من الداخل " من داخل القلب " لان أصل الأمور فى القلب .. وبيان مافى القلب تعبر عنه المشاعر .. ثم تأتي ردود الأفعال الحسيّة من قول او فعل ..

فنستطيع ان نقول انّ هناك مشاعر الإخلاص .. ومشاعر الصدق مع الله او مع الناس .. ومشاعر الحُبْ.. ومشاعر الإخاء .. ومشاعر الفرح .. ومشاعر الحزن .. ومشاعر الرحمة .. ووووو قائمة لا تنتهي .. كلها دواخل قلبية يتلمسها الواحد من خلال تعامله مع الإنسان ودرجات إيمانه ..

وما كـَمُلت مشاعر أعظم من مشاعر المصطفى عليه الصلاة والسلام .. تجسدت في شخصه جميع المعاني الإنسانية والإيمانية .. فى كل حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله ونظراته .

ووصل بعض أصحابه الى مرتبة عُليا منها .. ونأخذ مثالا على ذلك أبو بكر رضي الله عنه .

فقد وصلت درجة سمو المشاعر لديه فى معرفة معاني الصدق وأسسه وجوانبه عندما أتوه كفار قريش واخبروه ان صاحبه " محمد صلى الله عليه وسلم " يدعي النبوة !!

فلم يتردد لوضوح المشاعر لديه فى نفسه .. وفى صاحبه عليه الصلاة والسلام .. فقال ان قال فقد " صدق " وهذه المقالة أتت من سلامة صفاء دواخله وشفافية ورساخة معاني الفطرة فى خلقته .. فوافق قلبه وفطرته أمراً ربانيا غيـبـياً لاشك فيه ..

وهذا الأمر لا يتأتى الا لمن سـمـت روح إنسانيتهُ فوافق قمة الإيمان بالنبوة ..

وكل ذلك ينتج عن صلاح مضغة القلب .. كما اخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم " ان فى الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد وإذا فسدت فسد الجسد الا وهي (( القلب )) .

فالقلب هو بداية كل أمر وهو نهاية كل منتهى .. إنما الأعمال بالخواتيم ..

وشاهد ذلك أيضاً يتجسد فى شخصية أبو بكر من ناحية أخرى .. حيث ان كثير من الصحابة رضوان الله عليهم سبقوا ابى بكر رضي الله عنه بكثرة العبادة والانشغال بها من صيام وقيام وذكر وتلاوة .. ولكن سبقهم ابو بكر رضي الله عنهم بشيء قد " وقَــرَ " فى القلب الا هو كمال الإيمان حيث كان إيمانه يرجح على إيمان امة محمد صلى الله عليه وسلم جمعاء .

فى هذه الكلمات السابقة .. ارجوا ان اكون قد أوضحت رابط الإيمان بالإنسان .. والإنسان بالإيمان ..

وأحببت ان أشير الى بعض الى بعض المشاعر فى تعاملنا مع بعضنا البعض والتي تعطينا مؤشرا وميزانا لقياس درجة ارتقاء الإيمان والإنسانية فى داخل شخصياتنا الإنسانية .

وأبدأ وأقول .. لا يكون همك الا هماً علويا سماويا .. فعندها تعتلي مكارم الأخلاق تحوز على محبة الخلق والخالق ..

وأما اذا ارتضيتَ لنفسكِ هماً ارضياً سُفلياً خِبتَ وخَسرتَ كل شيء ..

عندما يكون همك ان تكون صلاتك ونسكك ومحياك ومماتك لرب العالمين .. فعندها أنت إنسان

اذا أتممت فروضك .. وقمت بواجبك مع ربك .. وأخلصت فى عبادتك .. وأحسنت علاقتك مع الله .. فعندها أنت إنسان ..

اذا صادفتك مشاعر المحبة .. وكنت مُحباً يوماً من الأيام .. وأردت ان ترتقى بمشاعرك .. فصن قلب حبيبك من الهوى .. وأحفظ شرفه وعرضه .. واعتبره كأحد من خاصة اهلك .. فعندها أنت إنسان ..

عندما تحب فى الله .. وتبغض فى الله .. فعندها أنت إنسان ..

عندما تشعر بالغيرة على دينك .. على نفسك .. وعلى عرضك .. وعلى أعراض المؤمنين .. وعلى محارم الله .. وتغار على أرضك ووطنك .. فعندها أنت إنسان ..

عندما تتجاوز عن من ظلمك .. ثم تحسن إليه .. وتغلفها بدعوة له بظهر الغيب .. فعندها أنت إنسان ..

عندما تصفوا روحك .. وتحسن الظن بالآخرين .. وتلتمس لهم الأعذار .. ولا تدخل فى نيّاتهم .. فعندها أنت إنسان

عندما تخفض لوالديك جناح الذل من الرحمة .. وتبرهما وتدعو لهما .. فعندها أنت إنسان ..

عندما تتلمس حاجة إخوانك وأخواتك وتمد يد العون لهم من غير أن يطلبوك وتنتظر الأجر من الله .. فعندها أنت إنسان ..

عندما توقر كبيرك .. وترحم صغيرك .. فعندها أنت إنسان ..

عندما تشعر بشعور غيرك .. وتضع نفسك فى مكانهم وظرفهم .. وتفرح بفرحهم .. وتحزن لحزنهم .. وتتألم لتألمهم .. فعندها أنت إنسان ..

وإذا أردت ان ترتقي لدرجات الإحسان فأجعل مشاعرك تصل الى غير الخاصة التي من حولك .. بل الى كل البشر ..

فعندها قد تعديت الحد الأعلى من صفات الإيمان الإنسانية وأصبحت من أهل الإحسان ..

وأخيرا اخواني وأخواتي الافاضل المباركين فليبحث كلٌ منّا فى داخله وعن مشاعره .. هل هو إنسان ؟؟

نسأل الله ان يجعلنا وإياكم من خير عباد الله وأحبهم وأقربهم إليه ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق